هنا سيتي أبوظبي.. سيتي الإبهار والانتصار.. سيتي الذي انتظرناه طويلاً حتى وصل إلى القمة الأوروبية.
اليوم وبعد انتظار استمر خمسة عشر عاماً، نال «البلو مون» شرف حمل ذات الأذنين، بعد السيطرة على كل شيء محلياً، جاء الحصاد أوروبياً، ليقف سيتي اليوم بجانب كل الكبار ممن صعدوا على منصات التتويج.
ورغم تأكيد زعامته المحلية في تلك الفترة، خصوصاً في آخر ثلاث سنوات متتالية بحصده لقب الدوري الإنجليزي الأقوى في العالم، إلا أن هذه البطولة القارية الكبيرة، طالما أقلقت عشاقه ومحبيه أو بمعنى آخر كانت هي المعيار، وتحدثنا كثيراً خلال سنوات البداية أنه لا يزال يكتسب خبرة البطولة رغم قوته، والتي تؤثر كثيراً في المشوار، كما شاهدنا السيطرة المدريدية في جزء من السنوات الأخيرة والخبرة التي لعبت دوراً كبيراً في سيطرته عليها بخمسة ألقاب في آخر عشر سنوات، رغم أفضلية عدة فرق كان يواجهها الريال، من ضمنها مانشستر سيتي.
منظومة السيتي يجب أن تُوثق وتُدرس في دواوين كرة القدم من أجل الحاضر والمستقبل، هذه المنظومة الناجحة على جميع المقاييس رغم محاربة البعض لها واتهامها بالمبالغة في الشراء، وعدم التوفيق في بيع اللاعبين والإنفاق على الرواتب الخيالية، والحقيقة التي يعلمها الجميع أنه ليس النادي الأكثر إنفاقاً على الصفقات، ويعتبر من أفضل الأندية التي تبيع لاعبيها، وكان صيف العام الماضي خير دليل على ذلك، بالاستغناء عن عدد من اللاعبين المهمين، وبعائد مالي كبير نجح في استثماره بآخرين أفضل، هم حديث العالم اليوم ونجومه، وهو كما نعلم جميعاً أن منافسيه مثل تشيلسي ومانشستر يونايتد الأكثر إسرافاً في الشراء وعدم التوفيق في البيع!
ولا يمكن الحديث عن عوائد البيع والشراء فقط، أو أن نكتفي بأنه سبب للنجاح فحسب، فالعمل كمنظومة متكاملة لا يتوقف عند هذه الأمور، فقيادة نادٍ بهذا الحجم كان تحدياً كبيراً وسط أندية عظمى تمتلك تاريخاً كبيراً في إنجلترا، ومنذ استحواذ أبوظبي، شاهدنا النجاحات التي تحققت في هذا العهد، بعد وصول السيتي إلى قمة الكرة الأوروبية على مستوى قيمة العلامة التجارية للنادي، بـ 4.073 مليار يورو، متفوقاً على ريال مدريد الذي جاء ثانياً بـ 4.006 مليار يورو، وهنا ندرك العمل الإداري الكبير لهذه المنظومة، والتي لم تكتفِ بالعمل الكروي وحصد الألقاب فقط والتسويق الناجح الذي وضع السيتي في سنوات قليلة فوق كل اسم آخر.
ومن بين الأمور التي تجدر الإشارة لها، الاستقرار الفني مقارنة مع جميع الفرق التي تنافس مانشستر سيتي محلياً وأوروبياً، فخلال 15 عاماً لم يتسلم قيادة دكة «القمر السماوي» سوى ثلاثة مدربين، هم روبيرتو مانشيني ومانويل بيلجريني وحالياً بيب جوارديولا، وإذا ما نظرنا إلى معظم فرق العالم وأصحاب القوى أوروبياً، سنشاهد أن غالبيتهم قد استعانوا بأكثر من 6 مدربين كحدٍ أدنى خلال هذه الفترة، فالاستقرار الفني يعطي أريحية للمدير الفني، في ظل الثقة الممنوحة له التي من شأنها أن تسفر عن النتائج المرضية لدى الجميع.
الآن أصبح «السيتيزن» أحد هؤلاء المتوجين بالأبطال، إذاً فهو يمتلك تلك الخبرة التي افتقدها سابقاً، وهو ما سينعكس على مشواره المستقبلي في منافسات الأبطال، فالأمر لا بد أن يكون واضحاً لدى الجميع، فتتويج «البلو مون» اليوم لا يعد النهاية، ولا يعتبر الهدف الوحيد للوقوف عند هذا الحد، وهذا التتويج ما هو إلا بداية السيتي الحقيقية، فالأمر لم يكن متروكاً عند التفوق المحلي فقط وإنما التسيد الأوروبي بكل تأكيد، فهناك داخل إنجلترا لم يتفوق فحسب، لكنه تميز كثيراً بحصد الألقاب حتى أصبح الأمر عادياً، ولما لا يمكن أن تخبرنا السنوات القادمة بأن تتويج السيتي بدوري الأبطال سيصبح أمراً عادياً وبسيطرة مطلقة.